بعد أن لاحظ التدريسيين الثلاثة (أليسون وروبرت وإيفريت) الواقع المتردي لعملية تطوير التعليم في المدارس وبغية تطوير مهني جدّي طويل الأمد داخل المدارس، قرر هؤلاء الثلاثة الذين يمتلكون خبرات تمتد على مدى سنين عديدة من خلال عملهم في التعليم وفي الأعمال الإدارية داخل المدارس وكقادة على مستوى المنطقة التعليمية، قرروا تأليف هذا الكتاب الذي وضعوا فيه مجموعة من المبادئ التي يمكن إتبّاعها لتطبيق الإصلاح بعد أن اعتمدوا على البحوث والنظريات بالإضافة إلى خبراتهم وتجاربهم.
ابتدع فريق المؤلفين أسلوباً جديداً في طرح فكرة الكتاب يجمع بين الأحاديث والسرد الوهمي والنص التحليلي لتلك الأحاديث والحوارات، فالكتاب يسلط الضوء على مدرسة وهمية خيالية تضم عدداً من الشخصيات كمديرة المدرسة (جوان) وعدد من الأساتذة (سوزان وروب وماريا) وغيرهم من أعضاء الهيئة التعليمية لتدور حولهم قضية الكتاب، وليناقش من خلال أحاديثهم وتأملاتهم وأفكارهم و تحليل تلك الأفكار والأحاديث كيفية المضي بالتحسين داخل المدارس.
لكن القارئ الذي يبحث عن دليل يوضح كيفية إدخال التحسينات في المدارس (وفق الطريقة التقليدية التي تعد خطوات العمل مثل "الخطوة الأولى ثم الخطوة الثانية") لن يجد ضالته في هذا الكتاب، أما أولئك الذين يقدّرون عملية البحث الدقيق لإجراء تغيير في المدارس فسوف يجدون في هذا الكتاب ضالتهم المنشودة.
كل فصل في هذا الكتاب يعتمد على مجموعة من مبادئ العمل المصممة بحيث تشكل إرشاداً عملياً للقادة الذين يعملون على بناء أو تطوير نظام كفء.
وفي نهاية كل فصل يضع المؤلفون أسئلة جوهرية تحفز التفكير وتستفز الحديث وتدعو القارئ لتطبيق هذه الأسئلة في بيئته التعليمية الخاصة ويشكّلها وفق هذه البيئة.
الفصل الأول:
جعل تطوير المعلمين جهداً جديراً بالمحاولة
يطرح المؤلفون هنا سؤالاً أساسياً هو: إن كنا نعرف الأفضل فلماذا لا يكون عملنا أفضل مما هو؟
أما مبدأ العمل في هذا الفصل فهو: لكي يكون تطور المعلمين عملاً مُجدياً وفاعلاً يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من جهد صُمّم بشكلٍ مدروس جيداً.
مدرستنا الوهمية الآن هي نظام مليء بالمربين القادرين والموهوبين ذوي المؤهلات، لكنهم معتادون على الانعزالية والاستقلالية ويشعرون بعدم ارتباطهم بالنظام، فهم يكرسون طاقاتهم نحو تلامذتهم لكنهم قلما يشاركون في التطوير الجماعي للهيئة التعليمية. أما المدير فهو ذو نية طيبة ويكافح بقوة ضد ذاك الشعور باللامبالاة إزاء التغيير الجماعي المشترك.
الوصف أعلاه هو وصفاً لنظام غير كفء، ومن أجل تغييره إلى نظام كفء يطرح الكتاب في هذا الفصل ست خطوات نحو التحسن المستمر:
1- تحديد وتوضيح المعتقدات الأساسية التي توضح ثقافة المدرسة.
2- خلق رؤية مشتركة من خلال التعريف الواضح لما تبدو عليه المعتقدات الأساسية عملياً.
3- جمع البيانات الدقيقة والمفصلة وتحليل هذه البيانات لمعرفة أين هي المدرسة الآن ولتحديد الثغرات بين الواقع الراهن والرؤية المشتركة.
4- تحديد المبادرات التي من شأنها على الأرجح أن تسد الثغرات بين الواقع الراهن والرؤية المشتركة.
5- وضع وتنفيذ خطة عمل تدعم المعلمين طوال عملية التغيير وتتكامل مع البرامج داخل كل صف بمفرده وفي المدرسة بأسرها.
6- الإيمان بأن الاستقلالية الجماعية المشتركة هي السبيل الوحيد لسد الثغرات القائمة بين الواقع الراهن والرؤية المشتركة والأخذ بمبدأ المُساءلة الجماعية عند تحديد المسؤولية عن سد الثغرات.
يوضّح كل فصل من الفصول الستة القادمة هذه الخطوات وكيفية تنفيذها.
الفصل الثاني
التفكير في إطار النظام مدخل إلى التحسن المستمر
السؤال الأساسي هنا: ما هو النظام الكفء؟
أما مبادئ العمل فهي: كل مدرسة هي نظام (كائن) حي معقد له هدف وغاية.
نتعرف هنا أكثر على النظام الكفء، وكيف نعرف إننا نعمل ضمن نظام كفء أو نظام غير كفء، ويتضمن التفسير جدولاً يبيّن الفوارق بين النظام الكفء والنظام غير الكفء.
من خلال الحوارات التي أجريت بين جوان -مديرة المدرسة- وبعض الأساتذة أدركت (جوان) بأن أعضاء هيئتها التعليمية لا يتجاوبون مع برامج التطوير التي تجلبها للمدرسة، فقررت عقد اجتماع مع أعضاء أسرة المدرسة ليحددوا سوياً معتقداتهم الأساسية وليطوروا رؤية مشتركة من أجل أن يكون للمدرسة هدفاً وغاية.
الفصل الثالث
تصور النتائج المطلوبة
السؤال الأساسي: ما المعتقدات التي تحدد هدفنا وغايتنا؟ وكيف نعرفها حين نراها؟
مبادئ العمل: الرؤية المشتركة توضّح الصورة التي سوف تبدو عليه المدرسة حين توضع المعتقدات الأساسية موضع التطبيق. وكذلك تستند مشروعية الرؤية المشتركة على مدى تمثيلها لجميع آراء المجتمع المدرسي.
يركز هذا الفصل على كيفية تحرك مدرستنا الوهمية هذه خلال أول خطوتين نحو التحسين المستمر، وهما: تحديد المعتقدات الأساسية ووضع الرؤية المشتركة. لذلك قررت (جوان) هنا أن تدعو عدداً من المعلمين والإداريين وبعض الطلبة القديمين ذوي الإنجازات المتفاوتة وبعض الآباء بالإضافة إلى عدد من شخصيات أخرى من المجتمع مهتمة بالتعليم، دعت كل هؤلاء إلى "اجتماع عمل" الغرض منه تحديد المعتقدات الأساسية والرؤية المشتركة للمدرسة، وقد قصدت (جوان) بدعوة كل تلك الشخصيات أن تكون مجموعة العمل هذه تعكس أصنافاً متنوعة من المجتمع كي لا يُهمل رأي جهة ما.
"ما هي الغاية أو العناية التي يجب أن تحققها المدرسة بصفتها المربية؟"، هذا هو السؤال الذي طرحته المديرة على الحضور، وبعد حوارات ونقاشات طويلة وصل الحضور إلى نقطتين رئيسيتين هما:
· المدرسة المتميزة يجب أن تشجع وتعزز الإنجاز العلمي العالي.
· المدرسة المتميزة يجب أن تضمن العدل والإنصاف.
وبالتالي كانت الخطوة التالية هي: كيف نستطيع تحقيق الإنجاز العلمي العالي ونضمن العدل للطلبة؟
وبعد أن قامت أسرة المدرسة بربط ما توصلت إليه مجموعة العمل تلك من وسائل لتحقيق المعتقدين الأساسيين للمدرسة بالبحوث والنظريات، استطاعت المدرسة أن تضع بياناً يوضح الرؤية في المدرسة عندما تطبّق تلك المعتقدات.
الفصل الرابع
تعريف الواقع في ضوء البيانات
السؤال الأساسي: ما هي الثغرات بين ما نود فعله مستقبلاً وبين ما نفعله الآن؟ وكيف لنا أن نسد هذه الثغرات؟
مبادئ العمل: حالما يُعرب أعضاء الهيئة التعليمية عن التزامهم بالرؤية المشتركة ينبغي لهم أن يعرفوا جيداً مسؤوليتهم في تحقيق هذه الرؤية.
في هذا الفصل سوف يمضي الكتاب مع القارئ نحو الخطوة الثالثة للتحسين المستمر، ألا وهي جمع البيانات وتحليلها واستخدامها، هذه البيانات -كنتائج امتحانات الطلبة ومشاهدة ما يجري داخل الصف- ستحدد الثغرات الموجودة في الممارسات الحالية للمدرسة والتي تعرقل تحقيق معتقدات المدرسة ورؤيتها وتضع خططاً إستراتيجية لسد تلك الثغرات.
بعد أن تم تحديد الثغرات الموجودة في الواقع الراهن، قررت (جوان) عقد المزيد من الاجتماعات والحوارات مع أعضاء الهيئة التعليمية لكي يعملوا على اتخاذ قرار جماعي بالتغيير لسد تلك الثغرات يكون متوائماً مع المعتقدات الأساسية.
الفصل الخامس
التخطيط لعملية لها أهميتها في تطوير المعلمين وتنفيذها
أسئلة أساسية: ما هي أولوياتنا؟وكيف يتم ربطها معاً؟
مبادئ العمل: ليس المهم عدد البرامج التي تتناولها خطة تطوير المعلمين، بل الربط الهادف فيما بين هذه البرامج هو الذي يجعل التغيير في النظام ممكناً وسهل القياد.
يركز هذا الفصل على الخطوة الرابعة في خطة التحسين المستمر، وهي التعرف على البرامج ذات الأرجحية الأعلى في سد الثغرات الموجودة بين الرؤية والواقع الراهن وتحديدها. وقد اقترحت المديرة هنا مع بعض الأساتذة تطبيق فكرتي (رسم خارطة للمنهاج) و (الفهم من خلال التخطيط)، وسأترك القارئ يطلّع بنفسه على تفاصيل هذين البرنامجين أو هاتين الفكرتين –أثناء قراءته للكتاب-.
الفصل السادس
وضع خطة عمل
سؤال أساسي: كيف تجعل ذلك يحدث؟
من مبادئ العمل: يجب أن يعكس برنامج تطوير المعلمين تلك المراحل المتوقعة لمشاعر القلق والخوف عند المعلمين بخصوص التعقيدات المصاحبة للانتقال من التعلم الجديد إلى النتائج الحاصلة في النظام.
يتركز البحث في هذا الفصل على الخطوة الخامسة للتحسين المستمر (وضع وتنفيذ خطة عمل تتناول هموم المعلمين ومخاوفهم)، فمثلاً هناك معلم سيقول لنفسه: "ماذا سأكسب عندما يكون من المريح أن أستمر فيما أفعله الآن؟" أو يقول آخر: "كيف سينجح هذا البرنامج؟ وكيف سأستخدمه مع طلابي؟" وغيرها كثير من المخاوف والهموم، وهنا يبرز دور "فريق تسهيل التغيير" الذي أنشأته (جوان) حيث سيقوم بدعم المعلمين مادياً ومعنوياً من خلال إمدادهم بالمعلومات والمعرفة والخبرة ومن خلال أخذ آرائهم واقتراحاتهم حول تعديل خطة ما مثلاً.
كذلك يركز الفصل على ضرورة ترسيخ ثقافة الاستقلالية الجماعية لدى التربويين لا الاستقلالية الفردية، ففي هذه المرحلة من تطوير نظام كفء يجب أن يصبح التعليم "جودة موزّعة" لا يقاس النجاح فيها بالجهد الذي يبذله كل معلم على حدة، بل بأداء المدرسة بأسرها.
الفصل السابع
الترحيب بالمُساءلة معاً على طريق النجاح
السؤال الأساسي: من الذي يحاسب؟ ولماذا؟
مبدأ العمل: النظام الكفء يثبت نفسه عندما يقوم كل فرد في النظام بأداء أفضل نتيجة لجهود جماعية ويقبل بالمحاسبة عن ذلك التحسن.
يتناول هذا الفصل بالبحث الخطوة السادسة والأخيرة في عملية التحسين المستمر، هي الإيمان بالاستقلالية الجماعية على إنها الطريقة الوحيدة لسد الثغرات بين الواقع الحالي والرؤية، والإيمان بالمُساءلة الجماعية في تحديد المسؤولية عن الإنجاز لدى جميع الطلبة.
بما أن القيادة هي مسؤولية مشتركة، و هي تنشأ من مصادر عديدة: الخبرة، الاهتمام، السلطة الرسمية. وعندما تكون المسؤولية جماعية يستطيع كل فرد في الهيئة التعليمية أن يكون قائداً، فالقيادة تخصّص على أساس من هو الأكثر أهلية للإشراف على جهد معين، "فهم أقرب لأن يكونوا فرقة عازفين على الجاز، إذ تنتقل القيادة فيما بين العازفين اعتماداً على ما تتطلبه الموسيقى ذاتها في تلك اللحظة، وعلى من يشعر بأنه أكثر تأثراً بالروح التي تعبر عنها تلك الموسيقى". مفهوم القيادة المشتركة هذا يعزز مفهوم المحاسبة الجماعية، فالهيئة التعليمية بكامل أعضائها، وكجسم واحد، يتحملون مسؤولية تحقيق النتائج المطلوبة.
مع انتهاء هذا الفصل الأخير يمكن القول إن هذه المدرسة الوهمية أصبحت "نظاماً كفئاً" حيث تحقق المدرسة نتائج عالية في الإنجاز العلمي للطلبة والانتقال نحو شعار المساواة للجميع. ولا يزال أصحاب هذه المدرسة يواصلون عملهم ليتمكنوا من إجراء المزيد من التحسين.
ينبّه الكتاب على ضرورة التحلي بالصبر أثناء عملية التغيير فهناك من سيشكّك سواء بجدّية الرغبة للتغيير أو بالطريقة التي ستتبعها المدرسة من أجل تحقيق التحسين، لذلك على القادة المحاولة مراراً والمضي قدماً إلى أن يقتنع الجميع ويرى الانجازات تتحقق أمام أعينهم.
عن المؤلف:
أليسون زمودا: استشارية في التربية والتعليم لدى جمعية الإشراف وتطوير المناهج ASCD بمدينة الإسكندرية بولاية فرجينيا، ومديرة قسم التربية والتعليم بمجلس التعليم لمنطقة كابيتول في هارتفورد، ولاية كونكتيكت. شاركت في تأليف كتاب بعنوان (the competent classroom 2001) وكتاب آخر يحمل عنوان (high stakes high school: a guide for the perplexed parent 2001). يمكن الاتصال بها عبر البريد الإلكتروني
azmuda@crec.org روبرت كوكليس: مدير مدرسة عامة متقاعد، يشرف حالياً على الشؤون الإدارية في جامعة بيس في وايت بلانز، نيويورك. عمل معلماً في مدرسة عامة مدة 18 عاماً، كان في الأعوام التسعة الأخيرة منها رئيساً لقسم الدراسات الاجتماعية، وعمل أيضاً مديراً لمدرسة ثانوية مدة 13 عام. في أثناء عمله مشرفاً مساعداً بمدينة نيو تاون، كونكتيكت تولى قيادة عملية تطوير وتطبيق منهاج يستند إلى المعايير شمل تلك المنطقة التعليمية بأسرها. يقيم روبرت حالياً في ولاية نيويورك، ويمكن الاتصال به عبر البريد الإلكتروني
bobkuklis@optonline.net إيفريت كلاين: عضو في هيئة الاستشاريين لجمعية الإشراف وتطوير المناهج ASCD، قبل انضمامه إلى هذه الجمعية كان كبير الأساتذة المشاركين في مركز تقويم التعلم والبنية المدرسية، وقد بدأ عمله في مجال التعليم كمدرس للتاريخ، وفي أثناء تلك المدة كرمته جامعة برنستون وعينته كبيراً للمعلمين. يقيم إيفريت في مدينة برنستون، نيو جيرسي. ومن خلال عمله مديراً لشركة الاستشارات التي يملكها بعنوان Understanding 4 يحافظ على نشاطه وعمله في هذا الميدان.
يمكن الاتصال به عبر البريد الإلكتروني
everett@understanding4.com خواطر:
تساؤلات:
- ربما لم أكن محظوظة برؤية مدرسة في وطننا العربي تهتم بالانجاز العلمي للطلبة وبتحقيق التحسين المستمر فيها، فهل هناك من حظي برؤية هكذا مدرسة في وطننا العربي؟ أم إننا لازلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق ذلك!
- إذا لم تكن هناك مدرسة تتبع هذا النظام، فهل هناك من توجد بداخله رغبة حقيقية للتغيير لكنه بحاجة فقط إلى دفعة مثلا، أم إننا أصلاً لا يخطر ببال أحدنا فكرة كهذه.
- بعد أن يقرأ القارئ المحترم الكتاب، هل توجد في مخيلتك أفكاراً أو وسائل أفضل أو أكثر فاعلية مما طرح في الكتاب من الممكن تطبيقها في المدارس وتكون أفضل لطلابنا؟[right]